خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أخوي المسيحي مهداة إلى روح ناهض حتر

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
بلال حسن التل لم اتفق يوماً مع الكثير من طروحات ناهض حتر, لكنني أيضاً لم اتمنى له السوء يوماً, ولم اتمنى أن يكون سبباً للإساءة لديني ووطني كما حدث صباح الأحد الماضي, ذلك أن الرصاصات التي أصابت ناهض صبيحة ذلك اليوم أصابت أيضاً صورة الإسلام العظيم, الذي لم يدع يوماً إلى تصفية المخالفين في العقيدة والرأي حتى لو كانوا كفاراً ككفار مكه, ومثلما أساءت الرصاصات التي أصابت ناهض إلى صورة الإسلام فقد أساءت أيضاً لصورة وطني كبلد للمعيشة المشتركة ومن ثم أساءت للحمتنا الوطنية وقرعت جرس إنذار يحذرنا من الآتي الذي علينا أن نواجهه معاً مسلمين ومسيحيين أبناء ثقافة واحدة, وشركاء في وطن واحد, وننحدر من أصلاب عربية واحدة.

قال مداعباً كتبت عن عمك المسيحي, وعن خالك المسيحي, أوليس لك أخ مسيحي.

قلت بلى؟.

فقال كيف؟.

قلت إن قصدت الأخوة بالرحم فإننا نحن الأردنيين, مسلمين ومسيحيين تربطنا رابطة الرحم, التي تجعل منا إخوة بأكثر من صورة من الصور, وأول ذلك أن الكثيرين منا كمسلمين أرضعتهم أمهات مسيحيات, جارات أو صديقات لأهالينا, تماما مثلما أن هناك الكثير من الأمهات المسلمات اللواتي أرضعنا أطفال جيرانهن أو صديقاتهن المسيحيات, ومن ثم فقد نشأ بيننا ما تنشئه الرضاعة من وشائج القربى, وصلة الرحم, وأحكم محارمهما, ومن لم يصدق فعليه أن يسأل كبار السلط أو اربد أو الكرك أو مأدبا, وكيف أن رضاعة الطفل المسلم كانت طبيعية واعتيادية من الأم المسيحية, تماما مثلما كانت رضاعة الطفل المسيحي طبيعية واعتيادية من الأم المسلمة, فنحن كما قلت في مقالات سابقة أبناء ثقافة واحدة وبيئة اجتماعية واحدة, بالإضافة إلى أن الكثيرين منا مسلمين ومسيحيين يشتركون في نسب واحد, فنحن أحفاد المؤابيين والأنباط والغساسنة, أسلم منا من أسلم, وبقي على المسيحية من بقى, لكننا بقينا كلنا أردنيين عرباً أبناء ثقافة واحدة, وإحساس قومي واحد يعبد أحدنا ربه في المسجد, ويعبده الآخر في الكنيسة, لكن كلانا نذوذ عن وطننا تحت راية واحدة, ولعل هذا الإحساس القومي هو الذي دفع غساسنة الشام إلى مناصرة جيوش الفتح الإسلامي ضد روما المسيحية, وهو نفس الإحساس الذي جعل مسيحيي هذه البلاد يقاتلون مع صلاح الدين ضد الغزوة الفرنجية التي اتُخذت زوراً وبهتاناً من الصليب شعاراً, وهو نفس الإحساس الذي جعلهم جزءاً أصيلاً من مقاومة الاستعمار الغربي والاحتلال الصهيوني لبلادنا, وأسماء المقاومين من العرب المسيحيين للغازي المحتل كثيرة. وهي أسماء تؤكد أننا أخوة في المواطنة, مثلما نحن أخوة في النسب, مثلما نحن أخوة بالرضاعة, يقف كل منا مع الآخر ليستقبل العزاء في ميت واحد أو التهاني في فرح واحد. غير إخوتنا كمسلمين ومسيحيين بالمواطنة والنسب والرضاعة, فإن لنا إخوة أعمق وأمتن فكلانا أقرب إلى الآخر بالمودة, وهذا ليس قولي ولكنه قول السماء كما نزل على رسولنا عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى « ولتجدنا أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون» أخذين بعين الاعتبار أن المودة هي الأساس الذي يقيم عليه الإسلام مؤسسة الزواج التي تتوالد منها كل صلات الرحم والإخوة, مثلما أن الأسرة نواة المجتمع لقوله تعالى « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» وبهذا المعنى ربط الإسلام أتباعه مع المسيحيين بالرابطة الأسمى التي تبنى عليها الأسرة وعلاقة الأرحام وهي رابطة المودة فصارت تجمعنا مسلمين ومسيحيين مودة الأخوة, كما أن كلانا أتباع لرسولين كريمين أخويين, فهذا رسول الله محمد عليه السلام يقول لنا «الأنبياء أخوة وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة» بل ويجعل الإيمان بأخيه عيسى عليهما السلام شرطاً من شروط الإسلام, ومدخلاً من مداخل الجنة بقوله عليه السلام « من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأن محمداً عبده ورسوله, وأن عيسى عبدالله ورسوله وكلمته إلى مريم وروح منه, والجنة حق, والنار حق, أدخله الله الجنة على ما كان من عمل» بل أنه عليه السلام فضل المسيح وأمه عليهما السلام على آل بيته عندما قال « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا أبني الخالة عيسى بن مريم, ويحيى بن زكريا, وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران» ولهذه المكانة لعيسى بن مريم عند محمد بن عبدالله عليهم جميعاً السلام فقد كثرت وصاياه عليه السلام بأتباع عيسى خاصة لجهة الرحم بينهم وبين المسلمين, بل أكثر من ذلك فإنه عليه السلام, كثيراً ما أمر أتباعه بالتأسي باتباع عيسى عليه السلام في الصمود على العقيدة كما في سورة الأخدود,كما في بعض التفاسير,وفي حديثه عن النشر بالمناشير, وكلها شواهد تدل على آية علاقة أخوة تاريخية تربط المسلمين بالمسيحيين تفوق بمتانتها الكثير من علاقات القربى بالنسب, ولنتذكر أن القرآن الكريم الذي امتدح عيسى وأمه مريم, هو نفسه القرآن الذي لعن أبي لهب عم رسول الله بالنسب. خلاصة ذلك كله أن روابط الأخوة تجمعنا مسلمين ومسيحيين بأكثر من صورة, منها صور الصديق الذي يتحول إلى الأخ الذي لم تلده أمي, ومنها صورة الأخ بالرضاعة, ومنها صورة أخوة النسب الواحد الذي يجمع الكثير من العشائر المسلمة والمسيحية ومنها أخوة الوطن وكلها صور تربطني «بأخوي المسيحي» وتجعل علاقتنا أقوى من كل الفتن.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF